ذاكرة المستقبل مجموعة بيسيريكو لخريف وشتاء2025. “الأزياء لا تقي أجسادنا من البرد فحسب، بل تبدّل نظرتنا إلى العالم، وكيف يرانا الآخرون.” — فرجينيا وولف، أورلاندو (1928) . أبتكرت الصورة الفوتوغرافية وسيلة جديدة لتوقيف الزمن، لحبس لحظةٍ تبوح بما كنّاه وتلمّح إلى ما صرنا عليه. وبتجميد اللحظة، تتحوّل كلّ لقطة إلى حكاية قائمة بذاتها. وكذلك هي الأزياء. لم تعد مجرّد كساء، بل ذاكرة من نسيج، وملامح من الهوية والتجربة، ترافقنا،. وتعيد تحديد شخصياتنا. فما نرتديه يتكلّم مثلما تتكلّم الصور. ، يعكس تحوّلاتنا، ويتيح لنا النظر إلى الوراء بعينٍ. باتت تعرف أنّ كلّ تجربة خلّفت فينا جزءاً لا يتكرّر من جوهر الذات.
بيسيريكو حوار بصري بين الماضي والمستقبل

مجموعة بيسيريكو لخريف وشتاء 2025 تسرد هذه الحكاية تحديداً. فهي لا تقيس الزمن بخطّ مستقيم، بل تفتح بين الماضي والمستقبل حواراً بصرياً مستوحى من لي ميلر. ، المصوّرة الأيقونية التي رأت العالم بعينٍ لا تعرف القناع، وبحسٍّ صادق كسر النمط المتعارف عليه. قالت ميلر ذات يوم: “لم تكن مهمّتي أن ألتقط الجمال، بل الحقيقة”. هذه العبارة تتردّد أصداؤها في روح المجموعة، فالحقيقة لا تقيم في الخطوط والألوان والتفاصيل وحدها. ، بل في فسحة التعبير الحرّ، وفي القدرة على أن يكون اللباس امتداداً للذات، ولغة تعرّفنا بأنفسنا وتعيد تشكيلنا.
ألوان تُحيي الذاكرة
ألوان الموسم تأتي بدورها نابضةً بالحياة كذكرى قديمة: فالأخضر الطيني والأصفر العاجي ينسابان جنباً إلى جنب مع الأبيض الأوبالي والبيج الكهرماني، فيما يستدعي الصدأ والبني الأبنوسي دفءَ ماضٍ لا يغيب. ويلتقي الرمادي الحجري والأزرق الياقوتي بأرجواني العقيق، اللونٌ الأنثويّ الذي تعاد تأويله كعنصر خالدٍ خارج الزمن.
تصاميم أيقونية ومبتكرة

يبرز المعطف كعنصر مركزيّ يعيد صياغة الشكل الكلاسيكي بأسلوب معاصر، مع أقمشة الألباكا الممشّطة والجاكار التي تمنح القطع طابعاً من الأناقة المموّهة. في حين يضفي الترتر الدقيق وتدرّجات الألوان المتناغمة حركةً خفيّة، تكمّلها النقوش الضبابية والقمصان ذات المربّعات الكبيرة والسترات المبطّنة بخفّة من النايلون اللامع، في توازن بين الراحة والرقيّ.
أما سراويل التويد والمربّعات بنمط أمير ويلز فتتلألأ بتفاصيل من اللوريكس، فيما تزدهي القطع المُحاكة بنقوش جاكار مستوحاة من الشمال الأوروبي تتخلّلها لمسات دقيقة من الترتر. بينما أقمشة الڨوال ذات الخيوط المقطوعة البارزة، والفيكسوز بخطوطه الواضحة، تنسدل على الجسد بخفّة تحاكي النسيم.
لمسة عصرية ومريحة

وتستكمل المجموعة بخطّ غير رسميّ أكثر حرية، تتناوب فيه خامات المخمل المضلّع والقطن المعالج مع قطع المونوغرام والحياكة والسترات القطنية، لتنتج أشكالاً معاصرة ومرنة تتوازن مع اللامبالاة الأنيقة التي تضفيها خامة الـ قماش اللامع (Matelassé).
إنّها ليست دعوة لكساء الجسم فحسب، بل لكسوة الذاكرة، وارتداء المستقبل. إنها مجموعة تسكنها الصور التي لا تتوقّف عن البوح: عمّن كنّا، وعمّن نحن، وعمّن يمكن أن نكون.

