Champ-contrechamp جوهر الحرفية عرض لربيع وصيف 26 . يبرلوتي تكشف عن جوهر الحرفية . في خطوة تؤكد على عمق فلسفتها التي تتجاوز حدود الموضة، عادت دار بيرلوتي العريقة لتأسر الأنظار في قلب باريس. لم يكن مجرد عرض أزياء، بل كان حواراً بصرياً وفكرياً بعنوان Champ-contrechamp، أقيم في رحاب قصر مؤسّسة سيموني وتشينو ديل دوكا، وهو مكان لا يجمع بينهما التاريخ والجغرافيا فحسب، بل يشاركهما الشغف بالتميّز.
استلهمت الدار عنوانها من تقنية سينمائية شهيرة تعني ”لقطة / عكس اللقطة“، لتخبرنا قصة مزدوجة: قصة الجمال الظاهر الذي نراه، وقصة الحرفية الخفية التي لا يدركها إلا الخبراء. في هذا المقال الحصري لموقع ميوز، نأخذكم في جولة داخل هذا العالم، لنكشف ما وراء الكواليس وما تحت سطح الجلد المصقول.
Champ-contrechamp ما وراء اللقطة الأولى
لم يكن اختيار القصر التاريخي المطل على حديقة مونسو محض صدفة. فهنا، تتلاقى حكاية توريلّو بيرلوتي، ابن المؤسس، مع سيرة تشينو ديل دوكا، وكلاهما وُلد في منطقة ماركيه الإيطالية قبل أن يتركا بصمتهما في باريس. هذا الرابط التاريخي يمنح العرض بعداً إنسانياً عميقاً، ويحوّله إلى احتفاء بالإرث الثقافي الذي تستمر بيرلوتي في استقطابه، من الفنانين والمفكرين إلى قادة الأعمال.
فلسفة ”اللقطة وعكسها“ هي دعوة للنظر بعمق. فكل حذاء، أو حقيبة، أو سترة من بيرلوتي تخفي خلف مظهرها الأنيق عالماً من الدقة المتناهية والتفاصيل التي تشكل جوهر الفخامة الحقيقية، والتي لا تُرى بالعين المجردة، بل تُحس وتُعاش.
الطابق الأول: حيث تبدأ الأناقة من ”علم القدم“ Champ-contrechamp
تبدأ رحلتنا في الصالون الكبير، حيث يواجهنا مجسّم ضخم لقدم بشرية، يقف بشموخ يذكرنا بتماثيل عصر النهضة. هذه ليست مجرد منحوتة، بل هي إعلان صريح: بيرلوتي بنت إرثها على ”علم القدم“. في زمن يسعى فيه الجميع لقطع 10,000 خطوة يومياً، تدرك الدار أن الراحة ليست ترفاً، بل هي أساس الأناقة.
تنتشر على الأرض أوراق قياس تذكّرنا بأن كل تصميم هو نتاج فهم عميق لتشريح القدم المعقد، المكون من 28 عظمة و27 مفصلاً وأكثر من 100 رباط. فمعرفة كيفية احتواء تقوّس المشط أو بروز عظمة جانبية دون التضحية بالجمال هو الفن الذي يتقنه حرفيو الدار في مشاغلها.
فن الخامات: قصة جلد بيرلوتي الأيقوني Champ-contrechamp
ننتقل إلى غرفة كوردوفان، التي تحتفي بالمادة الخام التي صنعت أسطورة بيرلوتي: الجلد. هنا، لا تُعرض الجلود فحسب، بل تُروى قصصها. من جلد فينيزيا الشهير المستخدم في الأحذية، إلى جلد سادل سوفت الناعم المخصص للسترات، كل قطعة يتم اختيارها بعناية فائقة.
ويعيدنا اسم الغرفة إلى التاريخ، حيث كان صانع الأحذية (Cordwainer) في القرن الحادي عشر هو الحرفي الوحيد المسموح له باستخدام جلد كوردوفان الفاخر لصناعة أحذية النخبة، والتي كانت تورّث ككنوز ثمينة. هذا هو الإرث الذي تحمله كل قطعة من بيرلوتي اليوم.
لمسة Scritto: حين يصبح الخط قصيدة على الجلد
في قلب مكتبة هادئة، تتجلى بصمة بيرلوتي الأكثر تميزاً: نقشة Scritto. مستوحاة من وثيقة قانونية قديمة، تُحفر هذه الكتابة الأنيقة بالليزر على سطح الجلد، لتزين حذاء أوكسفورد أو حتى معطفاً فاخراً، محولةً إياه إلى قطعة فنية تحمل قصيدة صامتة.
حقيبة City Bag: أيقونة عصرية في عالم بيرلوتي
في الطابق الأول، يتألق نجم حقيبة Jour de Poche، وهي التجسيد المثالي للتوازن بين الأناقة والعملية. بتصميمها المدمج المستوحى من علبة ”إينرو“ اليابانية، تأتي هذه الحقيبة الصغيرة لتكون الرفيق المثالي لكل يوم. مغطاة بجلد فينيزيا وبألوان جريئة مثل الأخضر العشبي (Grass Green) والكرز الداكن (Dark Cherry)، تجعل هذه الحقيبة مهمة اختيار لون واحد شبه مستحيلة.
”هذا ليس خفّاً منزلياً“: حذاء Shadow يعيد تعريف الراحة
بلمسة سريالية مستوحاة من الفنان رينيه ماغريت، تقدم بيرلوTI حذاء Shadow الرياضي تحت شعار ”Ceci n’est pas une charentaise“ (هذا ليس خفّاً منزلياً). بوزن لا يتجاوز 450 غراماً، يجمع هذا الحذاء بين الخفة الفائقة والتصميم الأنيق. الجزء العلوي المحبوك يوفر تهوية مثالية، بينما يمنحك النعل المصنوع من رغوة الذاكرة (Memory Foam) شعوراً بالسير على السحاب. إنه الدليل على أن الأناقة الرياضية يمكن أن تكون متطورة ومريحة في آن واحد.
الأسلوب المتكامل: إطلالة بيرلوتي من الرأس إلى أخمص القدمين
أخيراً، في الطابق الثاني، تتكشف الرؤية الكاملة لأسلوب بيرلوتي. هنا، تتألق جاكيت Forestière الأيقونية بنسخ جديدة من الكتان المعالج بالألوي فيرا والصوف الأخضر الليموني. كما يظهر قماش التويد الصيفي المبتكر، الذي يجمع بين الكشمير والحرير والكتان، ليقدم خزانة ملابس متكاملة تجمع بين المرونة والفخامة، ويمكن تنسيقها بسهولة مع حذاء رسمي أو سنيكرز عصري.
في عرض Champ-contrechamp، لم تقدم بيرلوتي مجموعة جديدة فحسب، بل قدمت درساً في تقدير الفن. لقد ذكرتنا بأن الأناقة الحقيقية لا تكمن فقط فيما نراه، بل في القصة العميقة والتاريخ العريق والحرفية الفذة التي تختبئ في كل تفصيل.