بقلم جوي ضبيط، الرئيس التنفيذي للتسويق في شركة أمانة
تمثل النساء نصف العدد الإجمالي لسكان الأرض، بينما يتجلى تفوقهن الحقيقي في التأثير عبر المجالات الحياتية كافةً. من هنا، يكتسب دور المرأة أهمية استثنائية في تحقيق التنمية الاقتصادية للدول والمجتمعات حول العالم. وتواجه السيدات مجموعة من التحديات الاجتماعية التي تمنعهن من المشاركة على النحو الأمثل في تحويل المشهد العالمي. وتحرمهن من استثمار قدراتهن وكفاءاتهن لتعزيز الأداء الاقتصادي ودعم النمو في الأسواق المالية على وجه الخصوص. والاستفادة من الإمكانات والفرص التي قد تتوفر لهن حالياً ومستقبلاً. وبالفعل،تُظهر الحقائق، انخفاض عدد الدراسات المالية التي تهتم بالمرأة وواقعها في هذا المجال، وسبل دعمها وتمكينها من تحقيق
طموحاتها
ورغم كل ما تقدم، يبدو مستقبل النساء مشرقاً. حيث شهد العالم تحولاً إيجابياً بهذا الصدد منذ تفشي جائحة كوفيد-19،. التي دفعت مؤسسات الاستثمار التقليدية نحو التركيز على هذه الشريحة السكانية. وبذل الجهود الهادفة لتعويضها عن التهميش الذي عانت منه لسنوات عديدة.
وتشكل السيدات قوة اقتصادية هائلة، حيث يمتلكن ثلث الثروة العالمية الحالية، بينما تنمو ثرواتهن على نحو غير مسبوق. بمعدل يتجاوز مستويات النمو المعتادة في السوق. وبحسب دراسة أجرتها مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب عام 2020. تساهم النساء في زيادة مجموع الثروات العالمية بمعدل 5 تريليونات دولار أمريكي سنوياً. كما يمتلكن ما يفوق %32 من حجم الثروة العالمية. وتشكل مشترياتهن حوالي 85%85 من إجمالي المشتريات في العالم.
وأمام هذا الواقع المزدهر، يتبادر السؤال البديهي، حول السبب الأساسي لغياب المرأة عن عالم الاستثمار والتداول؟ وما هي الطرق والوسائل التي يمكن اتباعها لتحسين مشاركتها على المستوى الفردي في هذا المجال وتعزيز حريتها المالية؟
دخول عالم الاستثمار
اشتهرت السيدات في مختلف المجتمعات بدورهن في تدبير الشؤون المنزلية، ومن ضمنها إدارة الأمور المالية المتعلقة بالنفقات والمشتريات. والادخار، بينما تفرد الرجال بميزة اتخاذ القرارات الاستثمارية. إلا أن المرأة بدأت بتغيير هذا الواقع، عبر استكشاف عالم التداول الواسع واتخاذ قرارات استثمارية حاسمة. الأمر الذي يتطلب منها ضرورة التعمق في هذا المجال. والتعرف على أفضل الممارسات التي يمكن اتباعها للحد من المخاطر. وضمان التوازن المالي، وصولاً إلى تحقيق الأرباح الاستثمارية على المديين القصير والطويل..
ولتحقيق الاستقرار المالي على المديين القصير والطويل. لا بد من تعلم السر الأساسي لعالم التداول، والمتمثل في البدء باستثمارات بسيطة لتحقيق الأرباح المرجوة على المدى الطويل. وعلى سبيل المثال، ينصح الخبراء بتجنب استثمار مبالغ ضخمة بشكل سنوي أو فصلي. والتوجه لاستثمار مبالغ صغيرة على نحو شهري للحد من المخاطرة قدر الإمكان. ولملزيد من التفاصيل. سيتمكن المستثمر عند شراء عدد محدود من أسهم شركة ما بشكل شهري. من امتلاك مجموعة مناسبة من أسهمها بمتوسط السعر المعتاد. بالإضافة إلى تقليل المخاطر. ومن الطبيعي أن يرتفع متوسط سعر هذه الأسهم على نحو سنوي، ما يؤدي بالتالي إلى نمو الأرباح والعائدات. وتعتبر الفترة الحالية مثالية للاستثمار في أسواق المنطقة التي تشهد أداءً اقتصادياً رائداً على الساحة العالمية. والاستفادة بالتالي من الإمكانات والفرص التي توفرها. ويعتبر التداول في الأسواق الإماراتية والخليجية مثل سوق دبي المالي (DFM). أو سوق أبو ظبي للأوراق المالية (ADX)، أو السوق المالية السعودية (تداول)، خياراً مثالياً للمستثمرين على مستوى المنطقة.
وفيما يلي مجموعة من النصائح، التي نوفرها للسيدات لتمكينهن من النجاح في عالم التداول ودعمهن لاستشراف مستقبل مالي أفضل.
- حجم الاستثمار
يعتقد الكثيرون بأن التداول يحتاج لاستثمار مبالغ ضخمة من المال. إلا أن النجاح في بداية هذا المسار، يتطلب منك التداول بمبالغ شهرية بسيطة ولكن على نحو مستمر. ومن الأهمية بمكان، أن يتم احتساب هذه المبالغ بناء على قيمة دخلك الشهري، ومقدار المال المتبقي بعد سداد الفواتير واقتطاع مخصصات النفقات الطارئة (في حال عدم امتلاك قدر كاف من المدخرات المخصصة لحالات الطوارئ).
- تنويع مجالات الاستثمار
جميعنا يردد المقولة الشائعة التالية: “لا تضع كل البيض في سلة واحدة”، وبناء على ذلك، من الضروري تجنب التركيز على نوع واحد من الأسهم أو الأصول. ويمكن في إطار هذه الاستراتيجية، اتخاذ القرار بالاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة (التي تتميز بمحافظ استثمارية متنوعة بفضل تعدد أصولها) أو عبر تداول أسهم الشركات المعروفة والموثوقة. ويعتبر الاستثمار في مجال العقارات أو أسواق السلع والمعادن الثمينة مثل الذهب خياراً صائباً. وبإمكانك تنويع خياراتك بما يتناسب مع استراتيجياتك الاستثمارية، مع الحرص على تجنب الاستثمار في “سلة” واحدة فقط.
- أدوات التداول والاستثمار
من المهم في هذا الإطار، اختيار منصة تداول تضمن سهولة الاستثمار وفعاليته من حيث التكلفة، مع توفير الأدوات والموارد التثقيفية والتعليمية اللازمة لتوجيهك. ومن العوامل الأساسية الواجب وضعها في الحسبان، اختيار المنصة التي تمنحك تجربة تداول متكاملة وسلسلة وشفافة. ويعد الوضوح عنصراً أساسياً في هذا الصدد، لتمكينك من التعرف على أسعار وتكلفة الخدمات والمنتجات التي ستحصلين عليها بشكل مفصل. وتجدر الإشارة إلى إمكانية التداول والاستثمار بمبالغ بسيطة، كما يعتبر الوقت الحالي مثالياً لبداية هذا المسار، نظراً لانخفاض التكاليف المرتبطة بهذه العمليات في الأسواق.
- اختيار الاستثمارات
تعتبر صناديق المؤشرات من أسهل الخيارات لدخول عالم الاستثمار، حيث يتابع أغلبها حركة سوق أوراق مالية معينة باعتماد البيانات الصادرة عن صناديق المؤشرات المتداولة، ما يمنحك قدراً كافياً من المعلومات حول الشركات التي قد ترغبين بتداول أسهمها. وتساهم هذه الصناديق في تعزيز فهمك لهيكل الرسوم، وتمكينك من حماية استثماراتك بغض النظر عن حجمها. وبالإجمال، تتطلب الرغبة في جني الأرباح على المدى القصير، ضرورة خفض معدلات المخاطرة إلى أقصى قدر ممكن. ما يعني، التركيز على المنتجات التي تودين التداول والاستثمار فيها، والاطلاع على جوانبها المختلفة قبل الانطلاق في مسارك الاستثماري.
أخيراً، لا بد من التحلي بالصبر والهدوء، وتجنب الاندفاع عند الاستثمار، لضمان الاستفادة من الفرص والإمكانات التي توفرها السوق على المدى الطويل.
الأمر لا يحتمل الانتظار؟ حان وقت الاستثمار.
تساهم مسارات التثقيف وتعزيز الوعي المالي في الارتقاء بقدراتنا ومهاراتنا في مجال التداول والاستثمار، وبالتالي ضمان مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة. ويعتبر التمكين عاملاً متكاملاً للارتقاء بمجالات الحياة المختلفة، مع التركيز على أهمية التمكين المالي ودوره الحيوي في دعمنا لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة.